قال الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، اليوم الجمعة، إن السياسة السورية منذ اللحظات الأولى ارتكزت على حماية المواطنين والسعي في أرزاقهم، مؤكداً أن إصلاح المنظومة القضائية له أثر مباشر على الصالح الاقتصادي، بينما إصلاح المنظومة التعليمية وتطوير الموارد البشرية يمثلان أكبر رأس مال للاقتصاد.
وأضاف في لقاء متلفز مع قناة “الإخبارية” السورية، أن هناك العديد من الأمور التي تحتاج إلى تنظيم وترتيب متزن للحصول على بيئة اقتصادية مناسبة ومناخ اقتصادي مستقر، مشيراً إلى أن السلطات السورية المؤقتة تعمل على عدة قطاعات في الوقت نفسه لبناء البنية التحتية التي يقوم عليها الاقتصاد في البلاد.
وكشف الشرع أن سوريا خلال الأشهر التسعة الماضية استقبلت نحو 1150 خط إنتاج جديد، إلى جانب إعادة تشغيل المعامل التي كانت متوقفة عن العمل، في خطوة تهدف إلى تعزيز الإنتاجية وتنشيط القطاعات الاقتصادية.
وأوضح، أن صندوق التنمية السوري يمثل علاجاً مباشراً لموضوع المخيمات والنازحين، وأنه يستهدف بناء البنية التحتية للقرى والبلدات المدمرة، مؤكداً أن صندوق التنمية يوفر برامج قروض حسنة للمزارعين لمساعدتهم على زيادة الإنتاج وتعزيز الأمن الغذائي.
وعن العلاقات الدولية، أكد الشرع أن سوريا أعادت بناء علاقاتها الدولية والإقليمية بسرعة كبيرة، مضيفاً أن الولايات المتحدة الأمريكية أعربت عن رغبة كبيرة في الاستثمار داخل سوريا، وأن مرور خطوط الإنترنت من سوريا للربط بين الشرق والغرب يوفر بنية تحتية تصل إلى 6 آلاف كم وهو أكثر أماناً.
ولفت، إلى أن طرق التجارة البرية بين الشرق والغرب تمر بالضرورة من سوريا، وأن العالم يعاني حالياً من مشكلتين أساسيتين هما أمان سلاسل التوريد وإمدادات الطاقة، وكلاهما متوفر في سوريا.
وشدد على أن النظام المخلوع كان يخشى الاستثمارات الخارجية والداخلية، بينما اليوم الاستثمار لا يخيف البلد، بل يساهم في تحقيق الاستقرار ويعزز السياسة الداخلية والعلاقات الدولية لسوريا.
وأشار، إلى أن العالم قد خسر سوريا خلال الأربعين إلى الخمس وأربعين سنة الماضية بسبب انعزالها وكثرة الاضطرابات، معتبراً أن سقوط النظام شكل فرصة تاريخية للمنطقة، ولا أحد يرغب في عودة سوريا إلى ما كانت عليه سابقاً.
وذكر أن بعض السياسات الإسرائيلية تشير إلى حزن تل أبيب على سقوط النظام، وأن إسرائيل كانت تريد لسوريا أن تكون ساحة صراع إقليمية، ومستعدة لتقسيمها أو استخدامها كمنصة لمواجهة إيران.
وتطرق الشرع إلى المفاوضات حول الاتفاق الأمني مع إسرائيل، مؤكداً أن إسرائيل اعتبرت سقوط النظام خروجاً لسوريا من اتفاق عام 1974، رغم أن سوريا أبدت التزامها الكامل به منذ البداية، وطلبت من قوات الأمم المتحدة العودة إلى مواقعها السابقة، مشيراً إلى أن المفاوضات مستمرة للوصول إلى اتفاق أمني يضمن العودة إلى اتفاق 1974 أو ما يشبهه.
وفيما يخص العلاقة مع إيران، أوضح الشرع أن سقوط النظام أدى إلى إخراج الأذرع الإيرانية من المنطقة، ودخلت سوريا في حالة من البرود في العلاقة مع طهران، وأن بعض الأطراف الإيرانية لا تزال تعتبر أن خسارتها لسوريا تعني خسارة المحور بأكمله، مشدداً على أن سوريا لا تريد أن تكون في حالة قلق أو توتر مع أي دولة في العالم، والكرة الآن بملعب الدول التي تسعى لإثارة الفتن في سوريا.
وتحدث، عن سعي دمشق للهدوء التام في علاقاتها مع كل دول العالم والمنطقة، مع الحفاظ على الروابط الوثيقة مع روسيا التي تمتد منذ تأسيس الدولة عام 1946، مؤكداً أن أي تغييرات داخل الدولة يجب أن تتم ضمن استراتيجية هادفة وعدم العبث بالبنية الداخلية للدولة.
وأكد، أن الأحداث الأخيرة في السويداء بين البدو والطائفة الدرزية تم التعامل معها بجدية، مشيراً إلى أن الأخطاء وقعت من جميع الأطراف، بما في ذلك الطائفة الدرزية والبدو والسلطة نفسها، مشيراً إلى أن الأولوية كانت لوقف سيل الدماء فوراً، حيث تم تشكيل لجان لتقصي الحقائق ومحاسبة كل من أساء أو أخطأ أو تعدى على الناس.
واعتبر، أن سوريا لا تقبل أي قسمة أو محاولات استقلال أو تفتيت، وأن التجارب التاريخية خلال المئة سنة الماضية أكدت ذلك، مضيفاً أن التقسيم يورث العدوى، وأي محاولات لتقسيم شمال شرق سوريا ستؤثر سلباً على العراق وتركيا، مضيفاً أن مجتمع السويداء جزء أصيل من المجتمع السوري ومكون أساسي فيه.
ونوه الشرع إلى أن التعاون مع روسيا تميز بمراحل دقيقة ففي حماة جرت مفاوضات مهمة، وعند وصول القوات إلى حمص انسحب الروس مؤقتاً ضمن اتفاق متفق عليه بين الطرفين، مضيفاً أن الروس قدموا التزامات لسوريا الحالية، وقد وفينا نحن بها وهم بدورهم أوفوا بالتزاماتهم حتى اليوم.
وشدد على أن المرحلة الحالية مؤقتة، وأن الثورات عند نجاحها تنتقل من نظام إلى آخر، وتحتاج إلى وقت لصياغة مؤسسات الدولة بشكل كامل، مؤكداً أن الصياغة المستقبلية للدستور ستتضمن العديد من التفاصيل، وسيتم العمل على كل الجوانب في الوقت نفسه، وأن مجلس الشعب القادم صيغ كمرحلة انتقالية مقبولة وليست نهائية، وتم اختيار المجالس الانتخابية لتمثيل المحافظات بشكل عادل في البرلمان.
وتابع، أن منطقة شمال شرق سوريا يشكل المكون العربي فيها أكثر من 70%، وأن قوات سوريا الديموقراطية (قسد) لا تمثل كل المكون الكردي، بما يعني أنها لا تعبّر بالكامل عن صوت المنطقة، موضحاً أن مصلحة السويداء ومصلحة شمال شرق سوريا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بدمشق، وهذه فرصة لسوريا للملمة جراحها والانطلاق في مرحلة جديدة.
ولفت، إلى أن الجرح الذي حصل في السويداء يحتاج وقتاً للشفاء، وقد شكّل ردة فعل لدى بعض الأطراف هناك، مؤكداً أنه كان داعماً لأبناء السويداء منذ خمس سنوات ويتابع وضعهم بشكل مكثف منذ تواجده في محافظة إدلب.
ورأى، أن المفاوضات مع “قسد” كانت تسير بشكل جيد، إلا أن هناك نوعاً من التعطيل أو التباطؤ في تنفيذ الاتفاق، موضحاً أن الاتفاق وضع له مدة تنتهي بنهاية العام، وكان الهدف أن تطبق بنوده بحلول نهاية ديسمبر المقبل.
وبيّن، أن دمشق قامت بكل ما يلزم لتجنب دخول شمال شرق سوريا في أي معركة أو حرب، ووافقت على دمج “قسد” في الجيش مع الاتفاق على بعض الخصوصيات للمناطق الكردية.
