لكن هذا ليس من مصلحة انظمة المنطقة ولا يصب في مصالح الدول الاقليمية و لا مع مصالح دول العالم . وعلى الأخص الجارة المدللة التي استقرت حدودها طيلة حكم ما يسمى بنظام ” المقاومة والممانعة ” . والدليل ان قطار الثورات العربية توقف في سوريا ولم ينطلق الى بلد عربي اخر , نعم هذا ما خطط له .
تعمدوا واجتهدوا لجعل الشعب السوري عبرة وامثولة لشعوبهم . في حال فكروا بإشعال ثورة . قد يقول البعض لكن هناك من يدعمنا فعليا,
لا ياسادة انهم يدعمون مصالحهم فقط .
لقد وقف العرب و العالم يراقب قتل المتظاهرين السلميين بدم بارد , انشقاقات كبيرة حدثت في جيش النظام . الأمر الذي تترتب عليه استحقاقات سياسية واخلاقية. ما العمل هنا ؟ قدمت الوعود للمنشقين و للثوار وقيل لهم حرروا مدينة لتكون منطلق لمنطقة حظر جوي على غرار مدينة بنغازي بليبيا وسنقدم لكم الدعم المطلوب .
الثوار قاموا بما يلزم وقدموا التضحيات الكبيرة وتبنوا فكر الاعتدال و شعارات الثورة المدنية طبعا هذا احرج الجميع ووضعهم امام استحقاقات اخلاقية وسياسة كبيرة مرة ثانية , مالعمل الثورة السورية احرجتنا .!!! اذا لنخلط الاوراق بين تطرف واقليات ولنستعن بالمال السياسي , استبعاد الفكر المعتدل كان ضرورة لاستكمال المشهد المطلوب لاحقا , فالضباط الذين انشقوا عن النظام عددهم ليس بقليل وفي حال تم تنظيمهم سيشكلون نواة حقيقية وفاعلة لجيش وطني سوري سيلتف حوله الجميع, تعمد العالم اهمالهم لثلاث سنوات واستبعدهم من المشهد العسكري و تم منعهم من تنظيم انفسهم ووضعوا تحت الاقامة الجبرية وراء الحدود ولاننسى هنا عملية اعتقال المقدم حسين الهرموش الغامضة ولاحقا المحاولات المتكررة لاغتيال العقيد رياض الاسعد وعمليات كثيرة تبعتها قيدت ضد مجهول .
بدأ العمل على المرحلة الثانية وذلك بالسماح للجماعات المتشددة والمتطرفة وبمعرفة النظام واشرافه لتسهيل الدخول الى سوريا لتنظيم انفسهم واعطاء تلك الجماعات مساحة اعلامية واسعة لدعم رواية النظام ولرفع الحرج عن مايسمى ” الداعمون ” للثورة تحت ذريعة التخوف من وصول السلاح ليد المتطرفين .
الدليل واضح على ماسبق ذكره فمعظم المناطق استهدفتها طائرات وصواريخ النظام إلا مقرات تلك الجماعات لماذا ؟!
على الجانب الاخر تدخل المال السياسي من عدة جهات وجندت الكتائب لمقاتلة النظام و اشتُرط عليهم ان يتبنوا شعارات بعينها لا تنسجم مع مصلحة الثورة بل تخدم توجه وافكار تلك الجهات فالثورة السورية واهدافها لاتعنيهم بشيء, هنا وضع المقاتلون بين خيارات صعبة اما الاستسلام للنظام او الاستمرار بالقتال فالجميع خذلهم لقد قاتلوا على امل ان تتغير الظروف لاحقا فهم سوريون بالنهاية وبلدهم هي الاساس , ايضا هنا تقاطعت تلك التوجهات مع مصلحة النظام سياسيا واعلاميا .
تعددت الولاءات وبدأ اقتصاد الحرب يبرز وفسدت النفوس واختلط الامر على الجميع .
استبعدت التنسيقيات وغابت عن المشهد الثوري واستبعد اصحاب التوجه المدني وتم دعم اصحاب التوجه الاكثر تشددا. ارهقت الناس وازداد تدفق اللاجئين وراح العالم يركز على ضرورة تقديم المساعدات الانسانية وفتح ممرات انسانية يتلاعب فيها الفيتو الروسي وبمماطلة غربية ورغبة غير جادة بالحسم و تعمدوا سياسة تهميش معالجة الاسباب الرئيسية المتمثلة بنظام الاسد الذي استباح كل المحرمات وفتح البلاد لكل التدخلات الاقليمية والدولية ,
تحولت نغمة الغرب من الاسد فقد شرعيته وايامه باتت معدودة الى ضرورة التفاوض مع النظام والخروج بحل سلمي !!! حل سلمي مع نظام دمر البلاد طولا وعرضا مستخدما كل صنوف الاسلحة الثقيلة لم يكن اخرها الكيماوي .!
اجتهدوا وعملوا على تحويل الثورة عبر اعلامهم من ثورة مدنية ومطالب مشروعة للشعب السوري الى صراع مسلح على السلطة و وصف المشهد ” بالحرب الاهلية “.
ايران وحزب الله والمليشيات العراقية لم يكن ليتجرأوا على التدخل المباشر في سوريا لولا مباركة العالم واعطائهم الضوء الاخضر ,
كل من وقفوا وراء ذلك كان هدفهم اخماد الثورة السورية بشكل او بأخر والحفاظ على النظام مع مزيد من الدمار لسوريا وايصال الناس الى نقطة
” لاقولنا حل بدنا نخلص ”
وليعطوا باقي الشعوب العربية درسا قاسيا ان فكرت بثورة حرية وكرامة ….
و الاكثر غرابة ودهشة انهم يرددون سنقدم الدعم
” للجيش المعتدل ” !!! لم يحصل ذلك بعد ثلاث سنوات ونصف من عمر ثورة الشعب السوري التي عبث بها الجميع
نعم انها الثورة الكاشفة . ولكن النصر دائما هو حليف الشعوب .
قد يتسائل البعض ماهدف تلك الدول من كل ذلك .؟
طبعا هناك عدة اهداف بالاضافة الى ماجاء ضمن المقال.
هناك طرف يرغب بتدمير سوريا واضعاف قدراتها العسكرية .
وطرف يعمل على استنزاف ايران وحزب الله عسكريا و اقتصاديا من خلال الحرب في سوريا .
وطرف يضغط على دول الخليج من خلال غض الطرف عن ايران وتدخلها في سوريا للمساومة على الملف النووي ولتحقيق مكاسب اقتصادية اكبر .
وطرف يعمل على حشد المتطرفين في سوريا للقضاء على قدراتهم بعيدا عن بلاده .
واطرف متناحرة تشد الحبال لتحقيق مكاسب سلطوية على حساب عرقلة الحل في سوريا وتريد تفصيل نظام حكم وفقا لما يتناسب مع مصالحهم الاقليمية والدولية وللحفاظ على كرسي السلطة في بلدانهم .
ونظام الاسد تحول الى عميل لكل هؤلاء ضد الشعب السوري ظنا منه انه سيبقى في السلطة وسط هذا المشهد الدموي الذي بدأ به . والشعب السوري يحارب الجميع ويبحث عن الحرية وسينتصر بعد ان تنجلي غبار المعارك بين المتصارعين على السلطة …
سمير متيني … اعلامي سوري