في ليبيا.. النفط يُشعل الصراع بين أحفاد المختار

ازدادت رقعة الصراع في ليبيا لتتجاوز السياسة إلى الاقتصاد، استراتيجية جديدة، تقوم بها قوات فجر ليبيا، ضد الجيش، وقوات الجنرال الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، من أجل السيطرة على حقول النفط الليبية، اقتتال بدأ يأخذ منحنى جديدًا، ربما يغير خريطة الحرب في ليبيا، في الأيام القادمة.
وتشهد ليبيا في الأيام الأخيرة، تحولًا تكتيكيًا، بين الفرقاء المتناحرين، حول السيطرة على حقول النفط في البلاد.. خطوة رآها مراقبون، بالأسلوب الجديد التي تتبعه الجماعات المسلحة، ربما تمكنه من قبض زمام الأمور، والتحكم في اقتصاديات الدولة.
ويمثل الصراع على منابع النفط تطورًا جديدًا في الأحداث الجارية بليبيا حاليًا، حيث تشهد العديد من المدن الليبية الكبرى، بما فيها العاصمة طرابلس، وبنغازي، قتالاً ضاريًا منذ عدة شهور بين قوات تمثل كل واحدة منها تيارًا سياسيًا مختلفًا، فيما يبدو أن مفاصل الاقتصاد في البلاد، ممثلة في النفط، قد تشكل عاملاً مهمًا في حسم المعارك لصالح طرف ضد الآخر، وهو ما اتجه إليه المتنازعون هناك.
وذكر شهود عيان من منطقة بن جواد، بين مدينة رأس لانوف من الشرق ومدينة سرت من الغرب أن قوات ما يعرف بعملية “الشروق” التي أطلقتها قوات فجر ليبيا، لتحرير الموانئ النفطية، تتمركز بداية منطقة بن جواد بالقرب من الاستراحات 30 كم غرب السدرة.
وأضاف الشهود أن هناك قوات أخرى تتوافد إلى حيث تتمركز هذه القوة مؤكدين أن هناك تحشيدًا في تلك المنطقة.
ميناء السدر
وقال المتحدث باسم غرفة عمليات حرس المنشآت النفطية بميناء السدرة (علي الحاسي) : إن قوات حرس المنشآت النفطية تمكنت من صد هجوماً لقوات “فجر ليبيا”، مؤكداً تواصل الاشتباكات العنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة قرب منطقة بن جواد، مضيفاً أن سلاح الجو الليبي قصف عدة أهداف لفجر ليبيا عند بن جواد.
من جهته أعلن الجيش الليبي، احباطه هجمات شنها مسلحون من مصراته المتشددة على ميناءي رأس لانوف والسدر النفطيين شرقي البلاد عبر ضربات جوية أوقفت تقدم المسلحين.
وأعلن مجلس النواب الليبي الذي قضت المحكمة الدستورية بطلانه، في بيان مساء السبت، أن مسلحين من جماعة “أنصار الشريعة”، والتي تقاتل القوات الحكومية في بنغازي، شاركت في الهجوم.
ضربات جوية
وقال القائد العسكري الميداني طارق أشنينة “لرويترز” إن الضربات الجوية جاءت بعد عمليات عسكرية للمتشددين بهدف السيطرة على الميناءين.
وأضاف أن القوات كانت على مسافة كيلومتر واحد من البوابة الرئيسية لميناء السدر، لكنها اضطرت للانسحاب كيلومترين بعد أن نفذت مقاتلات الجيش الليبي تلك الضربات الجوية.
من جهة أخرى، قال صقر الجروشي وهو قائد لقوات جوية متحالفة مع رئيس الحكومة عبدالله الثني إن طائراته أغارت على مواقع قرب سرت وهي مدينة ساحلية بوسط ليبيا.
واستولت “فجر ليبيا” الشهر الماضي على حقل الشرارة النفطي الذي ينتج أكثر من 340 ألف برميل في اليوم في جنوب البلاد وذلك بعد انسحاب قوة موالية للحكومة الليبية منه.
المنشآت النفطية
بدوره، قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، طارق الجروشي، إن رجال الجيش وحرس المنشآت النفطية والسلاح الجوي الليبي طردوا أمس السبت، حوالي 70 آلية مسلحة تابعة لكتيبة الحلبوص، التابعة لقوات فجر ليبيا، بعد أن اجتازت الوادي الأحمر والمشروع وبن جواد.
وأضاف، الجروشي، في تدوينة على صفحته بموقع (فيس بوك) ـ أن السلاح الجوي قصف الآليات المتقدمة عند منطقة الأنتيلة بعد الكحيلة، أي قبل رأس لانوف السكنى ب 35 كلم، مضيفاً، إن قواته قصفت أهدافا قرب بلدة زوارة غرب طرابلس التي يوجد بها ميناء للنفط والغاز.
وتابع أن مصادرهم بمستشفى ابن سينا بسرت تؤكّد سقوط قتلى وجرحى بعدما ضرب الطيران مقدمة الرتل، وقال ” مصادرنا تؤكد أنهم سيعاودون الهجمة من جنوب بوابة رأس لانوف، وأن الجيش سيكون لهم بالمرصاد”.
تقسيم ليبيا
في المقابل، حذر رئيس حكومة ليبيا في طرابلس عمر الحاسي، من أن محاولات حكومة عبدالله الثني في شرق البلاد لإحكام السيطرة على صناعة النفط من شأنها تصعيد الصراع السياسي وتقسيم الدولة.
وجاء تحذير الحاسي بعدما أعلنت حكومة الثني مسؤوليتها عن شن غارات جوية على مطار معيتيقة الدولي في طرابلس هذا الأسبوع، مما أدى إلى تصاعد المواجهة التي بدأت بهجوم من فجر ليبيا على قوة منافسة في طرابلس في يوليو الماضي.
صراع البقاء
الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء: نبيل فؤاد، قال إن اتجاه، المتناحرين الليبيين، السيطرة علي حقول النفط، أمر متوقع، مضيفاً أن البترول يعتبر، صك البقاء والوجود، لمن سيسيطر عليه.
وأوضح الخبير العسكري لـ”مصر العربية” أن فجر ليبيا، والجيش الليبي بالتعاون مع قوات حفتر، يبحثون عن الموارد، التي تساعدهم علي شراء الأسلحة، والاستمرار في القتال، قائلاً إن التوحد بين حفتر والجيش الليبي، يُمثل ضربة قوية، للمعارضة، فهم أكبر فصيل عسكري مؤثر فعلياً الآن.
وتابع: أن الجيش الليبي سيطر على غالبية مدن بنغازي، والآن بدأ في تطهير العاصمة طرابلس، مشيراً إلى أن القوي التي ستسيطر على حقول النفط، ستسقط القوي الأخرى، فالمعركة هنا معركة بقاء.
وتأتي تلك الاشتباكات ضمن صراع أوسع نطاقاً، في البلاد بين حكومتين متنافستين متحالفتين مع فصائل مسلحة بشأن السيطرة على احتياطيات نفطية ضخمة في إطار الاضطرابات المستمرة منذ ثلاثة أعوام ونصف العام بعد الإطاحة بنظام، معمر القذافي، عام 2011.