دور إيران في تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد وتفكيك المنطقة العربية
أقيمت امسية مميزة في صالون المنتدى الثقافي العربي في لندن بحضور حشد من المثقفين والمتابعين من عرب وناطقين بالعربية. قدم للندوة وأدار الحوار الإعلامي علي الحاج حسين، حيث قدم الباحث العربي محمد المذحجي بحثا قيما حاز على انتباه الجميع. تلا المحاضرة جلسة حوار أجاب فيها المذحجي أجاب فيها على اسئلة ومداخلات الحضور.
محاور البحث:
محمد المذحجي*
1-دور الغرب في تأسيس إيران الحديثة وبناء مؤسسة عسكرية ضخمة لتغيير التوازن العسكري لصالح إسرائيل وخدعة «ملئ الفراغ» .
2-تهيئة الظروف لانتصار الثورة الإسلامية في إيران ونتائج نظرية «عزلة إيران»
3-إيران واستغلال القضية الفلسطينية لاختراق صفوف العرب والمسلمين.
4-إيران وإسرائيل: الدعاية العدائية غطاء الصفقات السرية.
5-الملف النووي مسرح التعاون الإيراني-الغربي لاحتلال العراق وملف القاعدة
6-هل تنجح إعادة رسم خريطة المنطقة على يد إيران وأمريكا وداعش؟
1- منذ خروج الاستعمار البريطاني وتطبيق خدعة “سدّ الفراغ أو شرطي المنطقة”، بدأ الغرب بإعداد الظروف الملائمة لتسليم الملالي مقاليد الحكم في إيران.
– لقاء خميني مع حسن البناء في 1938 والتحضير للثورة الإسلامية.
– المخادعة، تمكن الغرب ودون أدنى معارضه إقليمية من تجهيز الجيش الإيراني وبناء مؤسسات قويّة وضخمة بهدف تغيير التوازن الإقليمي والعسكري لصالح إسرائيل وإعداد الظروف لردع التيار القومي التقدّمي في الوطن العربي.
2- تعتبر “الثورة الإيرانية”، بداية مرحلة حرب طويلة الامد ضد الأُمة العربية، إذ بعد انتصار الثورة طُرحت استراتيجية “عزلة إيران وعداء إيران مع إسرائيل” ليتم التستر على السياسات العدوانية الإيرانية ضد العرب.
جاء الخميني من أجل الحرب مع العراق واسقاط العراق وتصدير الثورة.
-قادة الجيش الإيراني قاوموا الثورة المسمّاة بالإسلامية، فمنعوا الخميني من العودة إلى إيران، ولكن تدخل الإدارة الأميركية رجّح وبشكل مباشر كفة الخميني وأعوانه على حساب الجيش مما أفضى إلى نجاح “الثورة الإسلامية”، إذ أن الطائرة “إير فرانس” التي تم استئجارها من قبل بعض القياديين من أتباع جماعات وتنظيمات الإسلام السياسي لنقل الخميني من باريس، هبطت في مطار طهران بحماية طائرات “أف 14” الأميركية.
-وصف صدام بالفارغ من العقل ويسعى لارجاع الامة الإسلامية إلى عصر الجاهلية 21/4/80 والتحضير للحرب على العراق.
-الخميني أمر بإعدام بعض قادة الجيش واساسة في بداية الثورة، وحفظ المؤسسات السيادية كالجيش والسافاك (المخابرات).
3- أهم نتائج هذه الخدعة، تمكن الطرف الإسرائيلي من طرح نظرية “عزلة إيران” كامتياز ثمين للعرب في المفاوضات المعروفة بـ”السلام العربي-الإسرائيلي”، حيث ومن خلال هذا التنسيق الإيراني-الإسرائيلي-الغربي، جُنّب الصهاينة من تقديم تنازلات جوهرية للفلسطينيين
-إضافة إلى نظرية “عزلة إيران”، طرحت الحكومة الإيرانية فكرة مخادعة أُخرى وهي حقها بالمشاركة في الترتيبات الأمنية للمنطقة وتسوية القضية الفلسطينية على أساس مصالح الأُمة الإسلامية.
تم الكشف عن هذا التعاون الاستراتيجي ضد الأُمة العربية بعد فشل مشروع “الفوضى الخلاقة” وهزيمة الجماعات المسؤولة عن تنفيذه. ولعلّ أهم مظاهر التعاون العلني بين الدولة الفارسية والغرب، يكمن في الصفقة النووية المفاجئة ونجاحها السريع.
– الدعاية الواسعة وبدعم مباشر وغير مباشر من وسائل الإعلام الغربية.
-أنشأ النظام الفارسي تنظيمات تُسمى بالتحرّرية والمقاومة ضد الحكام الخونة والمتآمرين على القضية الفلسطينية، وخلال 30 عاما من النشاط المستمر، وظف النظام الإيراني أموالا طائلة وتعاون مع المؤسسات الاستخباراتية الغربية لهذا الغرض.
4- الثابت في السياسة الخارجية الإيرانية على مدى السنوات الثلاثين الأخيرة أنّها قائمة على براغماتية صرف التي الممزوجة بالانتهازيّة والمغالطة والزور.
– كانت كلّ من أميركا وإيران وإسرائيل بحاجة إلى الغطاء التعبوي الّذي يحقّق قيادة إيران وسيطرتها على موجة الطموح والتطلعات المتزايدة لتحرير الأراضي المقدسة من الاحتلال الاسرائيلي، التي اجتاحت الأمة الإسلامية، وفي نفس الوقت تستمر العلاقات الاستراتيجية بين أطراف هذا الثلاثي ولا تتوقف عملية تبادل المصالح.
– ينبغي طبعا ألا ننسى دور وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية الغربية في تقديم التحاليل المخادعة والمضللة عن هذه العلاقات.
– تحديد خرائط استقرار جيش العراق حتى 100 كم داخل العمق العراقي. وفي تصريحاته الاستفزازية التي خُصِّص لها العنوان الرئيسي لصحيفة “كيهان” الإيرانية 19/4/1980، وصف الخميني الرئيس العراقي السابق صدام حسين بـ”الفارغ من العقل والملعون الذي يريد إرجاع الأمة الإسلامية إلى عصر الجاهلية!”، وطالب الجيش العراقي بالثورة والوقوف ضده.
– منذ بداية هذه الحرب، تولت إسرائيل قيادة الدعم العسكري الغربي لإيران. ووفقا لسفير الولايات المتحدة في اسرائيل، فقد تلقت إسرائيل مرارا طلبات إيرانية لشراء الأسلحة خلال فترة الحرب، ووافقت الحكومة الإسرائيلية على الكثير منها، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، أبلغ الكساندر هيغ، وزير الخارجية في حكومة ريغان، نظيره الإسرائيلي بالموافقة على بيع أجزاء الطائرات الحربية لإيران. وفي المجموع، اشترت إيران ما يقارب 80 بالمئة من أسلحتها من إسرائيل طوال سنين الحرب مع العراق.
– هذا التعاون العسكري الإسرائيلي-الإيراني بدأ من خلال شركة صادق طبطبائي، نائب رئيس مجلس الوزراء سابقا وشقيق زوجة أحمد الخميني، التي كانت حلقة الوصل بين إيران وإسرائيل. وقد زار طبطبائي إسرائيل في 6/9/1980 وانفضح وجود ختم دخوله إلى إسرائيل على جوازه عندما ضبطته السلطات الألمانية في المطار.
– صدّر أندريه فريدل، من جهته، كميات ضخمة لإيران بالتعاون مع وزارة الدفاع الإسرائيلية بإشراف زفي رويتر، المدير المساعد في الوزارة لشؤون تصدير المعدات العسكرية. كما فتح الملحق العسكري الإسرائيلي الأسبق بطهران، خطَّ تسليح لإيران من إسرائيل، ويُعتبر دور هذا الأخير أكبر من دور فريدل، حيث وقّع صفقة أسلحة كبيرة مع نائب وزير الدفاع الإسرائيلي لصالح إيران.
– تم الكشف عن التبادلات العسكرية الضخمة بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة في فضيحة “إيران كونترا” الشهيرة، التي خلقت جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والسياسية.
– الأعلى العسكري، أنّ جزءا من سلاح فضيحة “إيران كونترا” كان مستوردا من إسرائيل، بعد أن ادّعى أنّ السلطات الإيرانية لم تعلم شيئا عن هذا الموضوع. وفي نفس السياق، تمّت محاكمة مهدي هاشمي، أخو صهر حسين منتظري وأحد مؤسّسي الحرس الثوري، وفي عام 1978 حُكم عليه بالإعدام بتهمة اغتيال آية الله شمس آبادي سنة 1976، الذي كان من بين المخالفين للخميني، وأحد المقربين لنظام الشاه. الجدير بالذكر، أنّ مهدي هاشمي هو من سرّب المعلومات السرية عن العلاقات الإيرانية-الأميركية -الإسرائيلية لصحيفة الشراع اللبنانية، والتي أدّت إلى فضيحة “إيران كونترا”.
– اعترف رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق آرييل شارون في مايو 1982، في مقابلة مع قناة “إن بي سي” الأميركية، بصفقات الأسلحة التي تمّت مع إيران، وقال حينها: “مبيعات الأسلحة لإيران تترك لنا نافذة مفتوحة لإمكانية إقامة علاقات ودّية معها في المستقبل”. كما يقول آرييل شارون في مذكّراته (ص583 و 584): “شخصيا طلبت توثيق الروابط مع الشيعة والدروز، حتى أنني اقترحت إعطاء قسم من الأسلحة التي منحتها إسرائيل ولو كبادرة رمزية إلى الشيعة…لم أر يوما في الشيعة أعداء لإسرائيل على المدى البعيد”.
– يتخذ آرييل شارون وشيمون بيريز والكثير من الاسرائيليين هذه السياسة على أساس نظرية “Periphery doctrine” التي وضعها “بن غورين” و”الياهو ساسون”. وتستند هذه النظرية على إقامة علاقات قوية واستراتيجية مع البلدان غير العربية التي تحيط بالعرب لموازنة القوى لصالح إسرائيل وتقليص التهديد العربي.
– استمر التعاون العسكري والتجاري بين إيران وإسرائيل بعد فترة الحرب مع العراق، وعلى سبيل المثال، أبلغت وزارة الخارجية الإسرائيلية، الأمريكان بتجديد شراء النفط من إيران (Jerusalem Post1989/12/20). وقد أفادت أخبار ظهرت عام 2002 أنّ رجل أعمال مقرّب من خاتمي، الرئيس الإيراني الأسبق، قام بزيارة سرية إلى إسرائيل في محاولة لتجديد عمل أُنبوب النفط “إيلات-أشكلون” الذي تعود ملكيته إلى إيران وإسرائيل.
– من المثير للاهتمام أنه في سياق الاستيراد غير المباشر للبضائع والمنتجات الإسرائيلية، تمّ تحصين سيارة الرئيس الإيراني بمعدّات إسرائيلية. وقد نقل تقرير بعنوان “محور المصالح الإسرائيلي الإيراني الأميركي” أنّ إيران اشترت 20 ألف جهاز إنذار وحماية في عام 2006 من معرض صيني كان يعرض أجهزة شركة “سونار” الإسرائيلية للبيع. وأيضا أثيرت ضجة واسعة حين استخدمت الشرطة والحرس الثوريّين أجهزة تنصّت إسرائيلية الصُنع، لقمع مظاهرات الحركة الخضراء عام 2009.
– ومن جهتها، نشرت صحيفة “هآرتس″ في سبتمبر 1998 ما يلي: “مع علمنا بأنّ نحوم مانبار مرتبط بشكل مباشر بالموساد، إضافة إلى أنه يحتفظ بعلاقات تجارية جيدة مع مسؤولين إيرانيين. وفي الأعوام الممتدّة من 1990 إلى 1994، باع إلى إيران 150 طنّا من مادة كلوريد التايونيل، التي تدخل في صناعة غاز الخردل. كما أن مانبار قد وقّع عقدا مع الإيرانيين لبناء مصنع قادر على إنتاج العديد من الأسلحة الكيماوية، إضافة إلى مصنع ينتج أغلفة القنابل التي تستعمل لتلك الأسلحة”. وفي مقابلة مع نفس الصحيفة كشف مانبار أنه اعتبارا من 1988 إلى 1992 باع كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إيران، عبر شركاته البولندية. وعادت “هآرتس″ لتنشر في يناير 1999، أنه كان هناك إسرائيلي آخر متورط في هذه القضية، وبين الأعوام 1992 و 1994 باعت الشركة العائدة لموشي ريجيف معدات ومواد ومعلومات وتكنولوجيات صناعة الغازات السامة وخاصة غازي السارين والخردل لإيران.
-الإشارة لقضية حلبجة
– ويذكرُ أنّه تمّ الحُكم على نحوم مانبار، بالسجن لمدة 17عاما بسبب بيعه الأسلحة والتقنية العسكرية الإسرائيلية لإيران. وتمّ الكشف أثناء محاكمته عن أسامي أكثر من 170شركة إسرائيلية من الشركات التي أقامت علاقات تجارية وعسكرية مع إيران، وثُبت أنّها كانت تُعلم الحكومة الإسرائيلية بالكثير من التفاصيل المتعلقة بهذه العلاقات.
–فضيحة عوفر أحدث فضائح العلاقات السرية الإيرانية الإسرائيلية: العلاقات التجارية بين كارتل عوفر وإيران، هي من أكبر فضائح العلاقات السرية بين الطرفين خلال السنوات العشر الأخيرة. حيث نقلت صحيفة “كال كاليست الإسرائيلية أن سُفن شركت “زودياك” التابعة لكارتل عوفر كانت تتردّد على موانئ إيران. أيضا انتشرت تقارير عن نقل البنزين والمنتجات النفطية من وإلى ميناء عباس وجزيرة خرج الإيرانيتين عبر سفن شركة “باسفيك” التابعة لمجموعة عوفر. بعد هذه الفضيحة، أُجبر الغرب أن يضع بعض الشركات التابعة لكارتل عوفر على قائمة العقوبات بسبب علاقاتها التجارية مع إيران.
– أعلنت “قناة 10″ التابعة للتلفزيون الإسرائيلي أنّه تم العثور على جثة “سامي عوفر” في بيته وقد كان ميتا. وحسب المعلومات المتوفّرة، تملك الشركات التابعة لكارتل عوفر 25 بالمئة من الصناعة الإسرائيلية
– وفي شهر مايو 2014، أثار تلكُّؤُ وزارتي الخارجية والمخابرات الإيرانيّتين في إرسال تقرير عن قيام 55 شركة إيرانية بعلاقات تجارية واقتصادية مع إسرائيل إلى مجلس الشورى الإيراني، جدلا واسعا بين حكومة حسن روحاني والبرلمان. وكان مصطفى أفضلي فرد، المتحدث باسم لجنة المادة 90 من الدستور في المجلس الإيراني، قد كشف عن علاقات بين شركات إيرانية وأخرى إسرائيلية، واتهم جهات حكومية إيرانية بإخفاء معلومات عن التبادل التجاري مع الدولة العبرية. وأكد أفضلي فرد على لزوم قطع الدعم المالي والحكومي وتوقف التدابير المتخذة لتعزيز الشركات المتورطة في العلاقات مع إسرائيل، دون أن يكشف عن الجهات الحكومية التي تدعم هذه الشركات وتريد تعزيزها وتقويتها.
-قالت صحيفة “يديعوت أحرنوت أن المهندسين الإسرائيليين، من خلال شركة هولندية، شاركوا في ترميم بنى تحتية قريبة من المنشأة النووية في مدينة بوشهر الإيرانية التي تضررت من هزات أرضية. ونقلت الصحيفة عن أحد المهندسين قوله: “لقد أدهشنا حجم الفجوة بين المواجهة العلنية الإسرائيلية-الإيرانية وعمق التعاون التجاري بين الدّولتين”.
-ذكر التليفزيون الإسرائيلي في تقرير له، أنّ ما يقارب الـ200 شركة إسرائيلية تتعاون مع إيران، وهي الشركات التي تقوم بإبرام عدد كبير من الصفقات الاقتصادية أو التجارية. وكشف التقرير أنّ عددا كبيرا من هذه الشركات يقوم بتطوير البرنامج النووي الإيراني، مثل شركة “أفريكان إسرائيل” التي تصدر إلى طهران وبصورة غير مباشرة الكثير من المعدات اللازمة لتطوير الوقود النووي، أو شركة حاييم، التي تقوم بتطوير وسائل الاتصال الداخلي في عدد من المفاعلات النووية
-تنقل إسرائيل التقنيات الخاصة لإيران ومنها مؤخرا أعلنت أمريكا انها قبض على شخص من أصول إيرانية كان ينقل التفاصيل الفنية لطائرات اف 35 لإيران وتساؤل هو كيف هذا الشخص حصل على هذه التفاصيل نظرا لسريتها العالية!!
-دمرت إسرائيل مفاعل تموز النووي في1981 قبل أن يستلم العراق الوقود من الاتحاد السوفيتي. ونفذ الإسرائيليون هذه العملية على أساس خرائط ومعلومات استخباراتية إيرانية (ساندي تلغراف 14/6/1981). والتقى مسؤولون إسرائيليون مع مبعوث الخميني قبل تنفيذ العملية بشهر واحد في باريس لتبادل المعلومات السرية. وأيضا اتفق الطرفان في حال حدوث مشاكل تقنية خلال العملية، أن تهبط الطائرات الإسرائيلية سرّا في مطار مدينة تبريز العسكري
– نرى أن إسرائيل لن تتردد لحظة واحدة في ضرب أيّ مشروع نووي عربي في أيّ مكان وأيّ زمان، وقد سبق أن دمّرت القوات الجوية الإسرائيلية مفاعل تموز العراقي ومشروعا نوويا آخر داخل الأراضي السورية في فترات زمنية سابقة. ومنذ فترة أكثر من 15 عاما، صدع الإسرائيليون رؤوسنا بتهديداتهم الفارغة ودعايتهم الواسعة عن ضرب المنشآت النووية الإيرانية، ولم يفعلوا شيئا، ولن يتجاوزوا نطاق المهاترات الكلامية الفضفاضة.
– هناك فارق كبير بين الدعاية العدائية الواسعة وبين المحادثات والصفقات السرية التي تُعقد بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة. في أسلوب التعامل الإيراني-الإسرائيلي-الأميركي، الشعارات والأيديولوجيات لها استهلاك عام وشعبوي. ويَكْمُن المحرك الأساسي للأحداث في المصالح المشتركة والتنافس الإقليمي والجيوستراتيجي وليس الأيديولوجيات، أمّا الشعارات الحماسية فهي مجرد غطاء شعبوي للعلاقات السرية. وتبقى العلاقات بين هذا المثلث في مستوى نزاع سياسي قابل للحل لا صراعا أيديولوجيا ناريا وغير قابل للحل.
– وإضافة إلى ذلك، أن الإيرانيين والإسرائيليين يعتقدون أنهما منفصلان عن المنطقة ثقافيا وسياسيا واثنيا. الإسرائيليون محاطون ببحر من العرب، والإيرانيون محاطون ببحر من المسلمين السنّة. وحسب ما يقوله المحللون الاسرائيليون، عدو النظامين الإيراني والإسرائيلي مشترك وواحد!
5- لا يعتبر البرنامج النووي الإيراني وليد اللحظة وإنما ظلت إيران تعمل عليه منذ فترة طويلة وتسعى إلى تطويره، كما وضعت أهم مرتكزات هذا البرنامج بعد الحرب الإيرانية-العراقية وتحديدا في عهد رئاسة هاشمي رفسنجاني المدعوم غربيا.
– وقد كانت الأجهزة الأمنية الغربية تعلم تماما تفاصيل هذا البرنامج ولكنها غضت الطرف عنه ولم تثره إلا قبل عشرة أعوام فقط عبر المفاوضات بين المجموعة “5+1”.
– ويرى محللون أن تعزيز قدرات الجيش الإيراني في كافة المراحل والظروف، يصب في صالح اسرائيل لطالما أن هذا الجيش ظل يُستخدم ضد العرب.
– لا ريب في أن المفاوضات بين الغرب وإيران هيّأت مناخا ملائما للمناورات بين الطرفين، وشكلت في واقع الأمر غطاء ومسرحا للتعامل الغربي-الإيراني في ظل الظروف والمتغيرات الجديدة في المنطقة والعالم، وخاصة إدارة الأزمات في أفغانستان والعراق وأيضا ملف تنظيم القاعدة المعقد.
– ووفقا للوموند الفرنسية: طان أول لقاء سري بين إيران وأمريكا كان في 2009 حول الملف النووي، والتقى أحد مستشار الرئيس الأمريكي مع مستشار خامنئي للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي.
– بدأت المفاوضات السرية بين إيران وأمريكا بوساطة سلطنة عمان في تموز 2012 والتقى مستشار خامنئي للشؤون الدولية في مارس 2013 مع جون كيري في مسقط كم مرة، جسب ليبراسيون الفرانسية
– عراب المفاوضات السرية الإيرانية الأمريكية هو “سليم الإسماعيلي” رجال أعمال عماني ومن المقربين لسلطان قابوس.
– وفي تقرير ملفت، كتبت “فورين بوليسي” بتاريخ 26/9/2013 عن لقاء حسن روحاني الّذي كان أحد كبار مستشاري السياسة الخارجية لحكومة إيران مع الوفد الرسمي الأميركي في فندق هيلتون في طهران27/5/1986، مؤكّدة، حسب مصادرها، أنّه لعب دورا محوريا في المفوضات الأميركية-الإيرانية آنذاك. (هذا هو دليل التنسيق الحكومي لاختيار حسن روحاني كرئيس للبلاد)
6- بعد الفشل الذريع للمشروع الغربي في الشرق الأوسط الذي أطلق عليه مرشد الثورة الإيرانية، خامنئي، تسمية “الصحوة الإسلامية”، وقع الدور المركزي على عاتق إيران والهلال الشيعي والجماعات الإرهابية الموالية لإيران، لنشر الفتنة الطائفية وتفكيك البلدان العربية وتقسيمها، إضافة إلى نشر الإرهاب في العراق والبحرين واليمن وسوريا ولبنان.
– أفغانستان، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، تُدرب إيران أكثر من 20 ألفا من قوات الجيش الأفغاني بشكل رسمي وبتنسيق كامل مع الحلف الأطلسي “الناتو”، وفي، الوقت نفسه، يدرب الحرس الثوري عناصر شيعية من الإمارات والكويت ومملكة البحرين والمملكة العربية السعودية في إيران والعراق، إضافة إلى ذلك وعد قائد قوات الباسيج الإيرانية المصريين والأردنيين بإنشاء “حزب الله” على أراضيه
– الدور الفعال الإيراني في أفريقيا وتانزانيا وجزر القمر والصومال عبر المساعدات الانسانية والجيبوتي وغيرها، واشاره علي شيرازي ممثل الولي الفقيه في فيلق القدس الى تصاعد الدور الإيراني في أفريقيا وزيارات قادة الشيعة من تونس و نيجيريا وموريتاني الى ايران
– وبعد التوافق الاستراتيجي بين إيران والغرب حول البرنامج النووي المثير للجدل، تتعاون إيران مع الغرب عبر محورين هما دعم وتعزيز مشروع الشرق الأوسط الكبير وتفكيك المجتمعات العربية على أسس طائفية وعرقية وتقسيمها لدويلات.
– وقد يؤدي نجاح هذه الاستراتيجية إلى جملة من الأهداف لعل أبرزها، أولا، تهيئة مناخ ملائم للخطاب الطائفي والمذهبي المتشدد لضمان استمرار ما يسمى بدولة إسرائيل، فالجو الطائفي المتوتر يسهل على “ملالي” طهران تنفيذ سياساته التوسعية واستعادة سيطرته على الأراضي التي يدعي بأنها كانت يوما جزءا من إمبراطورتيهم التاريخية.
– كما أن تفكيك البلدان العربية على أسس طائفية وعرقية سيدمر مفهوم “الشعب” في الوطن العربي وسيقوض حق الشعب الفلسطيني بالعودة وتحرير أرضه ويؤدي إلى حق طائفة اليهود بالعيش على أرضهم الموعودة، لذلك نرى الصهاينة يصرون على ضرورة أن يعترف العرب والفلسطينيون بيهودية إسرائيل.
– أما الهدف الثاني فيتمثل في إيجاد فراغ سياسي رسمي ومعترف به دوليا والغاية منه تهيئة مناخ ملائم لاستحواذ الغرب على الرأس المال العربي في الغرب، وبالتالي حتى شركاء الغرب الأساسيين مثل دول الخليج العربي، لن يسلموا من هذه الاستراتيجية المدمّرة.
– ومن هنا يمكن قراءة نتائج المخطط الغربي للدول العربية، حيث اليوم في ليبيا لا يختصر الوضع على عدم وجود حكومة أو جهة رسمية قوية ومسيطرة لكي تطالب باسترجاع الأرصدة الليبية المجمّدة في الغرب، وإنما تسرق الثروات ويباع النفط من قبل جماعات خارجة على القانون لأطراف خارجية داعمة لها، دون أن تحرك الحكومة ساكنا.
– ويتعلق الهدف الثالث من هذه الاستراتيجية بإتاحة الحضور للجهات الإقليمية المعادية للأُمة العربية من أجل حفظ الأمن والاستقرار في منطقة شرق الأوسط، وبالتالي عودة الاستعمار من جديد.
– وعلى هذا الأساس يكشف الغطاء عن الخطاب المخادع حول تراجع الحضور والدور الأميركي بالمنطقة بسبب استخراج النفط الصخري واستغناء الغرب عن نفط الخليج العربي. وهو أكذوبة تماما وطُرحت هذه الخدعة من اجل تخلي الأمريكان عن دعم الحلفاء في المنطقة
– داعش هو صناعة غربية لتطبيق ما يسميه الغرب “الشرق الأوسط الجديد” وخريطة الخلافة الإسلامي تؤكد هذا تماما، وإيران هي العنصر المكمل
– ولا وجود لأي دولة في خريطة الخلافة الإسلامية لداعش وها هو ما يريد تطبيقه الغرب عبر “الفوضى الخلاقة” وفوضى عارمة بالمنطقة
– أمريكا عبر داعش تحاول الضغط على مصر والأردن والسعودية الانضمام للهجمة البرية على الثورة العراقية
داعش دخل العراق لكن عددهم قليل في العراق حسب اعلان بنتاغون لا تجاوز 13 وفي اعلى تقديرات 17 ألف، في حال لدى الثورة العراقية أكثر من 150 ألف مقاتل والشاهد على هذا هو وصول الثوار إلى أربيل خلال أيام قليلة وعدد البيشمركة يتجاوز 170 الف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* محمد المذحجي، كاتب صحفي وباحث أحوازي شاب مقيم في لندن. متخصص في الشؤون الإيرانية.
محمد المذحجي وعلي الحاج حسين على المنصة (من اليسار لليمين)