السنونو المهاجرـ مواد للتحرير
القليل من الحقيقة والكثير من المرارة في ارشيف الاجهزة السرية البلغارية
صوفيا, 02-3-2014 (أ ف ب) – يقول سيميو نيكولوف المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية “لا اشعر باي ندم. لقد خدمت الدولة”، في موقف حازم بعد الكشف عن أنشطته السابقة لصالح جهاز الخدمة السرية الشيوعي البلغاري.
الضابط المتقاعد الذي يبدو مطمئناً على ضميره، ليس معرضا لخطر مواجهة القضاء.
وتم التصويت على قانون فتح أرشيف التخابر والتخابر المضاد بشكل عاجل في نهاية 2006 عشية انضمام بلغاريا إلى الاتحاد الأوروبي. ولا يتضمن القانون أي عواقب قانونية لتسعة آلاف شخص صعدت أسمائهم إلى السطح في إطار تلك القضية.
وتراجع لجنة أسماء المسؤولين في القطاع العام وتسعى إلى تعليق لوائح بأسماء كافة العملاء السابقين والمتعاونين. ولكن في الحقيقة، تم تدمير 40% من الأرشيف في كانون الثاني/يناير 1990 أي بعد شهرين من سقوط الديكتاتور الشيوعي تيودور جيفكوف.
وأحرقت وقتها عشرات آلاف الوثائق ومن بينها ثلاثة أرباع التقارير المكتوبة من قبل المخبرين، في فرن للصهر. وفي غالبية الأحيان، لا تتضمن الوثائق الشخصية سوى اسم الشخص ومهمته، من دون أي معلومات عن تفاصيلها.
وعلى سبيل المثال، فإنه تم إخفاء الوثيقة حول أحد الضحايا الرمزيين في الحرب الباردة، الكاتب غيورغي ماركوف الذي قتل في لندن في 1978 بواسطة سلاح سري يطلق عليه “المظلة البلغارية”.
ويحرج فتح ما تبقى من الأرشيف الرئيس ووزراء ونواب وقضاة وأساتذة جامعيين وصحافيين. وبالنسبة لسيميو نيكولوف، فإن الماضي ظهر من جديد في 2008، في وقت كان يشغل فيه منصب نائب وزير الدفاع.
ولم تمنعه إعادة فتح ملفه من العمل لاحقاً كخبير إلى جانب الرئيس الاشتراكي غيورغي بارفانوف الذي كشف أيضاً في 2007 انه كان مخبرا في الماضي وذلك في بداية ولايته الرئاسية الثانية.
وليس بالإمكان فصل تلك الحالات عن بعضها، ففي 2010 أدار مخبر سابق 40% من البعثات الدبلوماسية البلغارية. كما وجهت اصابع الاتهام إلى 12 من أصل 15 مطراناً من الكنيسة الأورثوذكسية.
وينكر بارفانوف اليوم العمل تحت الاسم المستعار “غوتسيه”، ويقول أنه قدم لجهاز الاستخبارات السرية خبرته التاريخية. ويعترف آخرون بالتعاون “لأنه لن نعيش سوى حياة واحدة”، أو أنهم يتطرقون إلى ابتزاز الشرطة لهم.
ويقول أحد المسؤولين الإعلاميين السابقين طالبا عدم كشف اسمه، “باعتباري من عائلة مرتاحة ماديا، يرى فيها الشيوعيون عدواً للشعب، أصبحت عاملاً في البناء. من أجل الحصول على حياة طبيعية، وافقت على التعاون مع جهاز الاستخبارات السرية”.
بعد الكشف عن أسمائهم، اعتذر القليل من العملاء أو المتعاونين، ولم يعترف أحد منهم بالتبليغ عن زميل له. وفي مواجهة النسيان الجماعي، يطلب السجناء السياسيون السابقون وعائلات ضحايا القمع بإنشاء مؤسسة للذاكرة الوطنية ومهمتها دراسة الماضي الشيوعي.
وقد استطاع 11 ألف شخص من المراقبين من جهاز الاستخبارات مراجعة ملفاتهم، وغالبيتهم تعرض لعواقب مدمرة.
ففي مونتانا (شمال غرب)، يرتعش رجل ثمانيني، استطاع الهرب من معتقلات الاشغال الشاقة، حين يتذكر قراءته لملفه. ويقول “لقد ذرفت الدموع حين علمت بالافتراءات التي أوصلتها إحدى صديقاتي المقربات. لقد قالت لي أن الأميركيين سيأتون لإنقاذنا”.
ومثل غيرها، توفيت دارينا، والقليل تبقى في ملفها بعد تدمير الأطنان من الأرشيف بعد نهاية الشيوعية.
وتشعر الناشطة المحافظة سيلينا دينتشيفا بالمرارة، وتقول “لقد تم ترحيل جدي الاثنين المتعهدين وتمت ملاحقة والدي، الممثل المسرحي، طوال حياته. وكل ما ورد في الأرشيف ليس سوى بضع صفحات من دون أي معنى”.