خطر الأحزاب الد ينية على وحدة الأمة
جان عبد الله*
لست من اللذين يحبون الخوض فى المضمار الدينى مهما كان لونه ولا التعصب لأى دين أو مذهب أو طائفة لما لذلك من انعكاس على وحدة المجتمع والشعب والأمة ولكن لابد من توضيح بعض ما جرى بالأمس القريب وما يجرى على ساحاتنا العربية فى سوريا والعراق واليمن ولبنان حيث كانت البداية وتشكلت فيه أولى الميليشيات والأحزاب الدينية المسلحة ذات اللون الواحد ومن هذه الأحزاب حزب الله حيث لم نكن نسمع قبلا أن الله عزّ وجل قرر الخوض فى الصراع السياسى فى المنطقة حتى الآن
بعد ثورة الأمام الخمينى سعت ايران الى تأسيس حركة مسلحة تسمى حزب الله هدفها الغير معلن هو الوصول الى شواطىء البحر الأبيض المتوسط وذلك عام 1982 حيث دخل المعترك السياسى عام 1985 على يد محمد حسين فضل الله وصبحى الطفيلى وحسن نصر الله وابراهيم الأمين وعباس الموسوى ونعيم قاسم وزهير كنج ومحمد يزبك وراغب حرب وسرعان ما اندلعت المواجهات بينهم وبين حركة أمل فى الجنوب وبيروت والبقاع والتى كان قد أسسها الأمام موسى الصدر مواليد 1928 خريج جامعة طهران ايرانى الجنسية وصل الى لبنان 1958 ومنحه الجنسية اللبنانية الرئيس فؤاد شهاب بموجب مرسوم جمهورى وابتدأ بالتعاون مع حكام سوريا وبالمطالبة بايقاف العمل الفدائى واخراج الفلسطينيين من الجنوب واتهم منظمة التحرير بأنها تعمل على قلب النظم العربية الحاكمة مما دعا ممثل المنظمة فى القاهرة الى اصدار تصريح يندد فيه بمؤامرة الصدر على الشعب الفلسطينى وتآمره مع الموارنة والنظام السورى وكان الأمام الصدر أول من طالب بقوات طوارىء دولية تتمركز فى الجنوب
فى هذه الفترة تمكن حزب الله من بسط نفوذه على أغلب مناطق الجنوب وازدادت شعبيته بين أبناء الطائفة الشيعية بسبب ما كان يقدمه من خدمات اجتماعية كبيرة ومساعدات سخّية تأتيه من الدولة الأيرانية خاصة وأن النظر اليه على أنه حزب ايرانى كما أعلن فى بيانه التأسيسى عن نفسه حينما قال اننا أبناء أمة حزب الله التى نصر طليعتها فى ايران وأسست من جديد دولة الأسلام المركزية فى العالم نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة تتمثل بالولى الفقيه
ولقد أكد هذه المقولة القيادى فى الحزب ابراهيم الأمين عام 1987 حينما قال نحن لانقول أننا جزء من ايران نحن ايران فى لبنان ولبنان فى ايران لهذا نجد أن ايران تكفلت بجميع احتياجات هذا الحزب المالية والتى بلغت عام 1990 ثلاثة ملايين دولار ونصف وخمسين مليون عام1991 ومائة عشرون مليون عام 1992 حتى ارتفعت فى عهد رفسنجانى الى 280 مليونا الأمر الذى ساعده على توسيع قاعدته المقاتلة والشعبية واشترى ولاء الناس وحاجتهم وضمن ولاءهم واخلاصهم له حيث بلغت الأجرة الشهرية للمقاتل خمسة آلاف ليرة لبنانية فى ذلك الوقت وهى أعلى أجرة تقاضاها مقاتل فى لبنان عام 1986 لدرجة أن مقاتلى أمل راحوا بهدف الكسب يهجرون صفوف الحركة للأنخراط فى حزب الله كما وأن الأمام الخمينى منح حسن نصر الله اجازة شرعية لتلقى أموال الخمس والزكاة والكفارات حسبما يراه مناسبا بينما أخذت أمه حركة أمل الشيعية الأهتمام بالطائفة الشيعية من ناحية سياسية بلباس علمانى الا أن الأستقالة المفاجئة للنائب حسين الحسينى من قيادة حركة أمل التى كا قد تولاها بعد اختفاء الأمام موسى الصدر شكلّت نهاية مرحلة وبداية لمرحلة جديدة ظهر فيها اللعب كثيرا على التناقضات والمشاعر المذهبية والطائفية وخلقت ردود فعل قوية لدى بقية مكونات الشعب اللبنانى والبلاد العربية رغم تصريح الحسينى أننا قوميون عرب ولسنا امتدادا للثورة الأيرانية وأن قضية الحنوب هى قضية لبنانية عربية وليست شيعية ونحن حركة سميت بحركة المحرومين ولم تسمّ بحركة الشيعة واذا كانت اسرائيل تهدف الى اثارة النعرات المذهبية تمهيدا لأقامة أوطان عنصرية طائفية حتى تبرر وجودها الذى رفض اقليميا ودوليا فما هو المبرر الأيرانى لتغذية الأنقسام المذهبى فى المنطقة العربية وهل مشروعها يشابه المشروع الأسرائيلى لتقسيمها والأستيلاء عليها أم أن هناك اتفاقا اقليميا لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد يلعب كل طرف فيه دوره المرسوم
________________
* باحث سياسي سوري مقيم في كندا